جيل Z في العالم العربي: بين طموحات التغيير وواقع الأزمات



جيل Z في العالم العربي: بين طموحات التغيير وواقع الأزمات

في السنوات الأخيرة أصبح جيل Z – أي الشباب المولودين بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الثاني من الألفية – محور النقاش في العالم العربي. هذا الجيل الذي نشأ في زمن التكنولوجيا والانفتاح الرقمي، أصبح أكثر وعياً بحقوقه وأكثر جرأة في التعبير عن رأيه، سواء على شبكات التواصل الاجتماعي أو في الشارع. وفي المغرب وعدة دول عربية أخرى، يبرز جيل Z اليوم كقوة اجتماعية وسياسية تضغط من أجل التغيير، خصوصاً في ظل أزمات التعليم والصحة والبطالة.






من هو جيل Z ولماذا يثير كل هذا الجدل؟

يتميز جيل Z بكونه أول جيل عربي عاش طفولته ومراهقته في عصر الإنترنت والهواتف الذكية. يستهلك المحتوى الرقمي بكثافة، يفضل الفيديوهات القصيرة على النصوص الطويلة، ويعتمد على المنصات مثل TikTok وInstagram ليس فقط للترفيه، بل أيضاً كمصدر للمعلومة والنقاش السياسي. هذا الجيل لم يعد يقبل الخطاب التقليدي، بل يبحث عن الشفافية والحلول السريعة والعدالة الاجتماعية.

الكثير من الدراسات تشير إلى أن الشباب العربي اليوم أكثر تعليماً من الأجيال السابقة، لكنهم في الوقت نفسه يواجهون ارتفاع معدلات البطالة وضعف الخدمات الصحية والتعليمية. وهذا التناقض جعلهم يشعرون بالإحباط والغضب، ما يفسر خروجهم إلى الشارع في مظاهرات سلمية أو عبر حملات رقمية للمطالبة بالإصلاح.

أزمة التعليم في المغرب والعالم العربي

أحد أكبر أسباب الاحتجاجات الحالية في المغرب هو ضعف التعليم. رغم الإصلاحات المتكررة، لا يزال الكثير من الطلبة يعانون من اكتظاظ الأقسام، نقص التجهيزات، وغياب الجودة في المناهج. تقارير وطنية ودولية حذرت من تدني مستوى التعلمات خصوصاً في المواد العلمية واللغات، وهو ما يهدد تنافسية الشباب في سوق الشغل.
جيل Z المغربي يطالب اليوم بتعليم عصري، مجاني وذي جودة، يواكب سوق العمل ويؤهله للوظائف المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي والبرمجة وريادة الأعمال. ومن بين أكثر الكلمات المفتاحية بحثاً في هذا السياق:

  • إصلاح التعليم في المغرب
  • مشاكل التعليم العمومي
  • احتجاجات الأساتذة
  • مستقبل التعليم 2025

أزمة الصحة وتداعياتها على الشباب

جانب آخر يثير غضب جيل Z هو ضعف المنظومة الصحية. المستشفيات العمومية تعاني من نقص الأطر والتجهيزات، والانتظار الطويل للعلاج أصبح أمراً مألوفاً. هذا الوضع دفع العديد من الشباب إلى المطالبة بزيادة ميزانية الصحة وتحسين البنية التحتية للمستشفيات وضمان العدالة الصحية بين المدن الكبرى والقرى.

في مواقع التواصل الاجتماعي تنتشر الوسوم مثل:

  • #إصلاح_الصحة
  • #مستشفيات_المغرب
  • #كرامة_المريض

وكلها تعبر عن رغبة جيل Z في الحصول على علاج كريم ولائق، خاصة بعد التجربة الصعبة مع جائحة كورونا التي كشفت هشاشة النظام الصحي.

الاحتجاجات كصوت التغيير

في شوارع الرباط والدار البيضاء وفاس، نرى تجمعات شبابية تطالب بإصلاح التعليم، تحسين الأجور، خلق فرص عمل، ومحاربة الفساد. هذه الاحتجاجات ليست عشوائية بل منظمة في كثير من الأحيان، يقودها نشطاء شباب يستعملون السوشيال ميديا لتنسيق التحركات وبث الرسائل مباشرة للجمهور.
جيل Z اليوم يرفض الصمت، ويؤمن بأن التغيير يبدأ من الضغط الشعبي. وهذا ما جعل الحكومات العربية تراقب هذه التحركات عن قرب وتبحث عن حلول لتجنب تفاقم الأزمات.

الثقافة الرقمية وتأثيرها على وعي الشباب

من المميز في جيل Z أنه يعيش على إيقاع العالم الرقمي. النقاشات حول الديمقراطية، حقوق الإنسان، العدالة الاجتماعية، وحتى التغير المناخي، أصبحت جزءاً من يومياته. كل حدث سياسي أو اقتصادي يجد صداه فوراً على تويتر وإنستغرام، ويخلق تفاعلاً واسعاً.
هذا الوعي الرقمي جعل جيل Z أكثر صعوبة في الإقناع بالشعارات التقليدية، فهو يطالب بأرقام ومعطيات دقيقة، ويكشف التناقضات بسرعة، ما يضع صناع القرار تحت ضغط دائم.

مستقبل جيل Z في العالم العربي

التحدي اليوم هو كيف نحول هذا الغضب والوعي إلى قوة بناء وإصلاح. المطلوب هو إشراك الشباب في اتخاذ القرار، توفير برامج تدريبية وفرص عمل حقيقية، وتطوير التعليم والصحة بما يليق بتطلعاتهم.
جيل Z ليس عدو النظام السياسي ولا المجتمع، بل هو محرك أساسي لأي تنمية حقيقية. تمكينه وإعطاؤه مساحة للتعبير والإبداع سيكون مفتاح استقرار المجتمعات العربية في السنوات القادمة.

تعليقات